أن تسير فى شارع من شوارع مصر المحروسة دون أن تستمع لوجبة دسمة من الالفاظ الغريبة والشتائم فهو امر ولا فى الاحلام صعب تحقيقه .. الشتائم اصبحت امر معتاد على ألسن الناس خلال أحاديثهم ويبدوا ان ما يسمى بالذوق العام اصبح مصطلح تاريخي لم يعد له وجود بيننا , فهذا شاب يتحدث مع زميله وفجأة صوته يرتفع قائلا " يابن الـــ ... " وهذا رجل عجوز تعرض لموقف ضايقه فصوته يرتفع قائلا " يا .... ويا .... ربنا يخدكم كلكم " وهذا طفل لا يتعدى سنه الــ7 سنوات يتعارك مع طفل أخر ويتبادلان اقذر الشتائم " انت يابن ...... يا ......... وا.......... " وهنا تحدث خناقة كبيرة بين مجموعة من الشباب وفيها يتسابق الجميع ويتفاخر فى ابراز ما يحفظه من تعبيرات ومصطلحات فى قاموس قلة الادب دون مراعاة حق الطريق وحق الناس فى انهم يشعروا بالامان خلال يسرهم فى الشوارع
عندما كنت صغيرا كانت اقصي واقذر لفظ استطيع ان اقوله لشخص اخر هو ياغبي وياحمار واعتقد ان هذا كان شئ طبيعي .. اما الان يبدوا ان المعايير اختلفت فالطفل اصبح لا يتعدى الــ5 سنوات ويتحول لقاعدة اطلاق شتائم وهو يفعل ذلك تقليدا للشباب المستهتر لكى يشعر بأنه كبير مثلهم ... الشباب انفسهم اصبحوا يميلوا لادخال الشتائم وسط احاديثم وكلامهم وحكايتهم كطريقة لجذب الانتباه وفرض الشخصية على الأخرين دون مراعات وجود اطفال او سيدات او رجال اكبر منهم عمرا هذه الاعتبارات لم يعد معترف بها فى شوارعنا , ليس فى شوارعنا بل فى كل مكان يوجد فيه تجمع بشرى سواء داخل المدارس او الجماعات او الهيئات الحكومية ومحطات وقطارات المترو , وكـأن الشتائم والالفاظ الخارجة فيروس انتشر فى الهواء واصبح وباء يصعب علاجه
لا اقصد ان الشتائم ذاتها هى ظاهرة فالشتائم موجودة من زمان فسماع الشتائم بشكل علنى وبكل بجاحة كان يتواجد فى المناطق التي تتسم بالعشوائية حيث تنتشر الامية والجهل والبلطجة , لكن الأن اصبح لا فرق بين شاب جاهل وشاب متعلم ولا شخص من منطقة راقية او من منطقة عشوائية ولا حتي بين رجل وامرأة .. الموازيين اختلفت والأية انعكست فبدل من ان يقوم الشاب الصايع بتقليد الشاب المحترم ليحسن من نفسه واخلاقه , اصبح السائد هو تقليد كل ماهو سئ وقبيح سواء فى طريقة الكلام او شكل اللبس او اسلوب التعامل مع الغير .. الشتيمة والسب العلني اصبح فى كل مكان وعلى كل لسان
اعتقد ان الذوق العام فى الشارع المصري لا يعانى من التراجع بل اصبح لا يوجد ذوق عام اساسا فى الشارع ... فأين ذرة الذوق عندما يقوم مجموعة شباب بمعاكسة فتاة بكل بجاحة وسط سلبية ولا مبالاة من الاخرين كأن شئ لم يحدث , وأين هو الذوق فى أن يصبح كل فرد مجبر على أن يستمع للشتائم والكلام الجارح بحجة أن كل واحد حر يقول اللى هو عايزه , أين هو الذوق عندما تركب المواصلات خاصة الميكروباص وتصبح مضطر أن تسمع أغانى لا تستحق ان توصف بالهابطة حتى !! , أين هو الذوق العام فى ما نراه على القنوات الفضائية من كيلبات خليعة وبرامج تافهة وسطحية ولا تراعي عقلية المشاهد , واين هو الذوق فى ما نشاهد من ملابس غريبة يرتديها الشباب بحجة انها الموضه واخر صيحة
نفسك الذوق العام يرجع حياتنا انســـــــــــــي ده كان زمان وعايزنا نرجع زى زمان قول للزمان ارجع يازمان