Wednesday, June 25, 2008

عقد وكراكيب


أحلم باللحظة الحلوة بعيدا عن أي تكليفات صحفية أو هموم الاستيقاظ مبكرا وزحمة المرور القاتلة، وأتخيل نفسي وحيدا دون وجود رفيق يزعجني أو أضايقه بتصرفاتي، أن تكون على طبيعتك أمر صار مستحيلا في حياتك اليومية حتى وأنت في منزلك لأن ببساطة لن تكون حرا فيما تفعله حتى لا تزعج جيرانك أو شقيقتك التي تذاكر وأبيك النائم وأمك المرهقة من شقاء يوم طويل، ورغم أن هناك من يريد الهروب من وحدته الإجبارية فهناك آخرون يسعون ورائها.

الوحدة الدائمة ليست ممتعة ولكن أن تختلي بنفسك هربا من الضجيج خيار مفضل لدى كثير من الناس خصوصا في الزمن الحالي، عن نفسي سأتكلم وأقول ما بداخلي من كراكيب وعقد وذكريات في محاولة لتفريغ ما يسمى بالكبت النفسي حتى أستطيع أن أواصل دوامة الحياة

الحلقة الأولى

كلما زادت المسئوليات ارتفع معدل تعاقب أحداث الحياة اليومية بشكل لم تعد تشعر فيه بقيمة الزمن، كأن الساعة لم تصير 60 دقيقة واليوم 24 ساعة والأسبوع 7 أيام والشهر 30 يوما، المواقف تتكرر مع نفس الأشخاص فأجلس مع الناس الحلوة نضحك ضحكات حلوة وفجأة تظهر الناس الثقيلة ويطلقوا نكتهم الأثقل وسط الضحكات الصفراء وعلامات ضيق النفس من الآخرين، عندما نجوع نطلب نفس الأكل رغم تغيير المطعم لم يعد هناك لذة فيما نأكله فأتذكر عندما كنت صغيرا كانت فكرة الذهاب لأكل خارج المنزل أمر ممتع وبمثابة احتفال منزلي ولكن اليوم أصبح الأمر عادي وروتيني لدرجة أن كروشنا أصبحت تسبق خطواتنا بنصف متر

الغريب أن خلال تلك الدوامة السريعة نتذكر فقط ما يشعرك بالإحباط رغم أن هناك العديد من الذكريات الجميلة في ذهن كل واحد، أجلس كثيرا داخل الميني باص ذاهبا إلى العمل وعندما أنظر للشباك تطاردني ذكريات مفترض أنها جميلة ولكن حدث ما جعلها مؤلمة، فهذا المكان جلست فيه وهذا الشارع سرت عليه وفي هذا المطعم أكلت فيه، أتذكر الموقف كأنه يحدث أمامي من جديد أرى فيه ضحكتي وشعوري أن الدنيا ملكي دون أن علم بضياع كل ذلك في لحظة دون أن تعلم لماذا ولا تعرف إجابة، أن يضيع منك شيئا كنت تريده بشدة دون أن تعلم سبب مقنع أمر يصيب بالجنون